الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة "شهوة عازب" لنجيب خلف الله: رقصة كبرى تروي الإنهزامات والفتوحات الصغرى

نشر في  19 ماي 2014  (15:07)

وسط حضور جماهريّ غفير، إحتضن فضاء المونديال مساء يوم الخميس 15 ماي عرض "ديلير" -أو "شهوة عازب"- للفنان ومصمّم الكوريغرافيا نجيب خلف الله. برقصات تبدو للوهلة الأولى عبثية ومُختلّة، إنطلق العرض ليرسم شيئا فشيئا "رقصة كبرى" تلك التي تسائل مكانة الراقص في المجتمع، ذلك الكائن الذي يلاعب الإيقاع والأنغام فيطوّعها خدمة لرسوم جسدية تقول الكثير عن واقع الأفراد بما فيه من إنهزامات وفتوحات صغيرة، بما فيه من شك ويقين وبما فيه من وجيعة ونشوة.

خطوة بعد خطوة وحركة بعد حركة، يستدرج نجيب خلف الله المتفرجين إلى حيرة ذاتية وكذلك إنسانية موحيا بعمر الحمزاوي بطل رواية الشحاذ، الذي تبدو تحرّكاته عبثية وطائشة، إلّا أنها تنُمّ  في الباطن عن عمق حيرته إزاء الوجود.

هذا وتماهت رقصات الفنان مع الموسيقى والإضاءة فأوحت بطابع روحانيّ خالص يتعالى عن الصغائر محلقا في فضاء أرحب، فضاء الفن والحرية. يفتح البطل الحقيبة ليسحب منها قبّعة واضعاّ إيّاها فوق رأسه لينظر صوب مرآة ، محملقاً في وجهه متمتما... ثم يسحب فستان إمرأة، ليرقص معه تارةً و يعزف به كأنّه آلة "ساكسوفون" تارةً أخرى، وهنا نلاحظ أنّ الملابس والأشياء تجاوزت دلالتها المادية لترمز الى هذا الغائب الذي يعطي المعنى ويساهم في صنع الفرجة. ثم راح خلف الله يلاكم وسط مربّع ضوئيّ كأنّه ّيواجه شتاتاً من أفكار تنزل على ذهنه من كلّ حدب وصوب.

ولم يخلُ العرض من الطابع السياسيّ، إذ خاطب خلف الله جُمهوره متسائلاً "فيبالكم إلّي عزيز صاحبنا موقوف؟ " مع إضفاء موسيقى على خطاب هذا الأخير في آخر حضور إعلاميّ له قبل أن يُقبض عليه، وفي ذلك دلالة على أنه لا معزل بين الشأنين الفنيّ والسياسيّ.

ومع نهاية العرض دعا نجيب خلف الله الجمهور كي يصعد إلى الركح للرقص على وقع موسيقى سطمبالي، فكان له ما أراد.

نضال الصيد

تصوير باديس حفيان